إن شرطاً أساسیاً من شروط النجاح هو الرؤیة الواضحة للأمور،والرؤیة الواضحة للعدو والرؤیة الواضحة لقوی الثورة.علی ضوء هذه الرؤیة تتحدد إستراتیجیة المعرکة، وبدونها یکون العمل الوطني عفویاً ومرتجلاً،لا یلبث أن ینتهي إلی الفشل. ولذا بات ضروریاً بالنسبة للشعب الأحوازي، بعد عشرات السنین من القتال والتضحیات، شعبنا ناضل طویلاً ضد مخططات المحتل الفارسي.منذ عام 1925 وجماهیر شعبنا تناضل من أجل الاحتفاظ بأراضیها ونیل حریتها وطرد المستعمرین من وطنها وتقریر مصیرها بنفسها، واستغلال خیرات وطنها لمصلحة أبنائها. ولقد اتخذ نضالها ضد المحتل الفارسي المستعمر کافة الأشکال والأسالیب .ومنذ السنیین الاحتلال شعبنا دافع عن أرضه ووطنه وحریته وحقه في بناء مستقبلة فقدم مئات من الشهداء وتحمل الکثیر من التضحیات.
ولذا أثار کفاح شعبنا في تلک الفترة من التاریخ حالة جماهیریة متحفزة لا تقل عن الحالة التي تعیشها جماهیرنا الآن وهي تلف حول العمل النضال. ومع ذلک،ورغم تلک التضحیات، ورغم قوافل الشهداء التي تزید في عددها لم ینتصر شعبنا حتی الیوم، وها هو یعیش في غالبیته في سجون و تحت نیر الاحتلال. إذن، لا یکفي أن نحمل ثورة حتی نطمئن إلی نتیجة المعرکة. إن الثورات في التاریخ انتهی بعضها إلی النصر ولکن بعضها الآخر انتهی إلی الفشل. لابد من مواجهة الحقائق بعقلیة علمیة ثوریة صریحة وجریئة. إن ما یقرر النجاح هو الرؤیة الواضحة للأمور وللقوی الموضوعیة التي تخوض الصراع.وما یقرر الفشل هو العفویة والارتجال. من هنا تبدو واضحة أهمیة الفکر السیاسي العلمي الذي یرشد الثورة ویحدد لها إستراتیجیتها. فالفکر السیاسي الثوري لیس فکراً مجرداً معلقاً في الهواء، أو مجرد ترف فکري، أومتعة فکریة یتسلي بها المثقفون، وبالتالي نستطیع إذا أردنا أن نترکه جانباً کشيء مجرد أو ترف لاضرورة له. إنما الفکر الثوري العلمي هو الفکر الواضح الذي تستطیع به الجماهیر أن تفهم عدوها، ونقاط ضعفه ونقاط قوته،والقوی التي تسنده وتتحالف معه، وبالمقابل تفهم قواها هي،قوی الثورة، کیف تعبئها وتجندها، وبأي أسلوب وکیف؟ کیف تتغلب علی نقاط قوة العدو وکیف تستفید من نقاط ضعفه؟ ومن خلال أیة برامج تنظیمیة وتعبویة وسیاسیة وعسکریة تستطیع أن تتصاعد بقواها حتی تسحق العدو وتحقق الانتصار؟
إن مفهوم الفکر السیاسي بالنسبة لنا هو وضوح المعرکة أمامنا.ومن هنا یأتي تأکیدنا علی أهمیة وخطورة هذا الأمر.
مامعني أن نقاتل بدون فکر سیاسي؟ معني ذلک أن نقاتل بشکل مرتجل، وأن نقع في أخطاء دون أن نعي خطورتها وطریقة معالجتها، وأن تتحدد مواقفنا السیاسية بشکل عفوي دون وضوح الرءیة، وینتج عن ذلک عادة تعدد في المواقف، وتعدد المواقف معناه تبعثر في القوی، وتشتیت لها، فتکون النتیجة أن تتوزع قوی شعبنا الثوریة في أکثر من طریق بدلاً من أن تصب کلها في طریق واحد لتشکیل قوة متراصة واحدة.
إننا نرید أن نحذر من خطورة الاستخفاف بهذا الأمر. أن بین مقاتلینا و قواعدنا تیاراً یخلط بین الفکر السیاسي الثوري وبین عملیة(الدجل السیاسي) التي مثلتها بعض (القوی السیاسیة)، وبعض (القادة السیاسین). إن هذا التیار یخلط بین الفکر السیاسي الثوري وبین الأسالیب السیاسیة البالیة التي اتبعتها الحرکاة الوطنیة ،کما أن هذا التیار یخلط کذالک بین الفکر السیاسي و عملیة(الفذلکة الکلامیة) المعقدة التي یمثلها بعض المثقفین في مناقشاتهم لقضایا الثورة. ونتیجة لکل ذلک یحاول هذا التیار ان یستخف بالفکر السیاسي أو یزدري به. ولابد من عملیة تصحیح جذریة نقوم بها هنا. إن الفکر السیاسي الثوري
هو الذي یفضح (الدجل السیاسي) وهو الذي یجعل قناعتنا بالکفاح المسلح قناعة راسخة، وهو الذي یعري أمام الجماهیر سخافة الفذلکة الکلامیة التي تعقدقضایا الثورة بدلاً من أن تکون سلاحاً بیدها.
ولکي یقوم الفکر السیاسي بهذا الدور الثوري لابد أن یکون فکراً علمیاً أولاً، وواضحاً بحیث یکون في متناول الجماهیر ثانیاً،ومتجاوزاً للعمومیات وموغلاً قدر الإمکان في الرؤیة الأستراتیجیة والتکتیکیة للمعرکة بحیث یشکل دلیلاً للمقاتلین في مواجهة مشکلاتهم ثالثاً، وعندما یستوفي فکر الثورة هذه المقومات، عندما یصبح هذا الفکر أقوی سلاح بید الجماهیر،بواسطته توحد قواها، وتری معرکتها بوضوح وترتسم أمامها اللوحة الکاملة للمعرکة بکل قواها، وموقع کل قوة من هذه القوی ابتداء من بدایة الثورة حتی نهایتها الحاسمة .
صوت النخلة
29نیسان2016