كانت علاقات الكويت الخارجية في نهاية القرن التاسع عشر تختلف عن ما هي عليه اليوم، فالتاريخ لا يذكر لنا عن أيتواصل بين حكام الكويت في تلك الفترة وبين حكام بقية دول مجلس التعاون، مع أن الدراما الخليجية تحاول دائما أن تختلق بعض القصص لتربط حكام الخليج بعضهم ببعض. وحتى ان كانت بعض هذه القصص لها أساس في التاريخ لا يمكننا الا أن نعتبرها مواقف نادرة وما كانت تتكرر كثيرا. لم يذكر لنا التاريخ عن العلاقات السياسية الخارجية في الكويت في الفترة ما قبل مبارك الكبير، ولا أقصد هنا الحروب أو العلاقات التجارية، وانما أقصد بالعلاقات السياسية هو مجرد التواصل بين حاكم الكويت أو ممثل عنه وبين حاكم كيان سياسي اخر. حيث كانت الثقة معدومة مع جيران الكويت وما قصة بناء السور الا خير دليل على الخوف من الغرباء. ولكن في عصر الشيخ مبارك الكبير بدأت الكويت تنفتح أكثر على الجيران وكان هناك صداقة قوية بين الشيخ مبارك وبين الشيخ خزعل حاكم المحمرة والأحواز وبين السيد طالب النقيب حاكم البصرة. كانت الأحواز والبصرة كيانات سياسية مستقلة ولكنها ضاعت بسبب التدخل الانجليزي في ذلك الوقت حيث تم ضم البصرة الى مملكة العراق والأحواز الى امبراطورية الشاه الايراني بعد نشوب الحرب بين عرب تلك المنطقة وبين الجيش الشاهنشاهي ولم تنتهي الحرب الا عندما خُدِع الشيخ خزعل على يد الانجليز وتم تسليمه الى الشاه. قد يقول قائل أن فرصة قيام كيان مستقل في البصرة كانت فرصة ضعيفة بسبب التداخل الاجتماعي مع أهل الشمال (العراق) وتشابه العادات والتقاليد. ولكن هذا صحيح في الوقت الحالي وليس دليل على أن الوضع في ذلك الوقت كان شبيها بما نراه اليوم. بل ان التقارب والتداخل الاجتماعي في تلك الفترة أقوى بين البصرة والكويت والأحواز الى درجة أن هناك من يدعي أنهم كانوا متجهين الى اقامة كيان موحد على أيدي حكام هذه المناطق بسبب الصداقة التي كانت بينهم. نعم عزيزي القارئ، الشيخ خزعل الكعبي هو صديق الشيخ مبارك الكبير، وكان ما يميز هذه العلاقة هو الاحترام الشديد، فهناك وثائق ومراسلات تبين كيف كان الشيخ مبارك يخاطب فيها الشيخ خزعل، في احدى هذه الرسائل كان يخاطبه بالوالد (أو ما شابه لا أذكر جيدا) من شدة احترامه وتقديره لمنزلة الشيخ خزعل. بني كعب الذين شنوا حرب على الكويت في سنة 1783 أصبحوا أصدقاء للكويت بعد 120 عام تقريبا من هذه الحرب.
المصدر وكالة الأنباء الكويتية