العلم الأحوازي و معانيه بقلم: حسن راضي



لكل دولة بطاقتها الشخصية تعرفها و تميزها عن غيرها. ومن أهم المعلومات في هذه البطاقة و يجب ان تكون ثابتة و متفق عليها من قبل جميع أطياف الشعب, قضية العلم. و إن العلم يشكل أحدى الثوابت الوطنية إلى جانب الخريطة و إسم الدولة و تاريخها الذي لا يحق لاي جهة ان تتلاعب و تغير أو تفسر تلك الثوابت حسب مفهومها و تحليلها أو حسب مصالحها الشخصية أو الفئوية.
الأحواز العربية التي تقع تحت نير الإحتلال الفارسي ( الدولة الفارسية / الإيرانية) منذ عام 1925 لها مكوناتها الثابتة و خصوصياتها التي حاولت الدولة الفارسية أن تمحيها من ذاكرة العالم و ذاكرة الشعب الأحوازي نفسه, عبر سياسات إجرامية بحق الانسان و الأرض وما تحتويها من آثار حضارية و تقاليد عربية و خصوصيات و مكاسب أحوازية تحققت عبر الآف السنين على أرض الأحواز التي مرت كنظيراتها في العالم بمراحل تاريخية متعددة, منذ مملكة عيلام و ميسان الساميتين مرورا بالعصر الإسلامي و وصولا بالإمارات العربية الأحوازية التي تأسست بعد سقوط الدولة العباسية و منها إمارة بني أسد ثم إمارة المشعشعين و تلتها أمارات القواسم و العبادلة و بني منصور و آل علي و المرازيق و امارة الفلاحية و المحمرة ( عربستان) التي كانت موطنها واحد يسمى اليوم الأحواز و يمتد من مضيق باب السلام ( مضيق هرمز) حتى شط العرب الفاصل بين دولة الاحواز و العراق الشقيقة و يفصلها عن بلاد فارس سلسلة جبال زاغروس و التي تشكل الحدود الطبيعة لأرض الأحواز التاريخية.
كان علم الأحواز قبل الإحتلال و حتى عام 1925 يسمى "البيوض" اي العلم ذو اللون الأبيض التي تتخذها قبيلة بني كعب ( المحيسن) علما أو بيرقا لها و بما إن آخر أمير الأحواز الشهيد الشيخ خزعل رحمه الله ينتمي الى هذه القبيلة, كان العلم يمثل كل القبائل و أفراد الشعب الأحوازي بما لشيخ خزعل مكانة و سلطة واسعة على الاحواز. و كان هذا العلم يرمز إلى السلطة و حكومة الأحواز المتمثلة بالشيخ خزعل و التي لها علاقات و تحالفات و معاهدات عربية و دولية معروفة بما فيها مع بريطانيا و روسيا و العراق و المملكة العربية السعودية و الكويت و قطر.
بعد إحتلال الأحواز خاض الشعب العربي في الأحواز عدة ثورات و إنتفاضات و كانت أعلام القبائل التي تنتفض ضد الإحتلال هي التي ترفع في تلك الثورات دليلا على رفضها للعلم الايراني الذي كان مفروضا في تلك المناطق.
بعد الثورات العربية في الثلاثينيات و الاربعينات و الخمسينات من القرن الماضي تأسست عدة تنظيمات سياسية أحوازية و قد أتخذ النضال الأحوازي لونا سياسيا منظما بعد ما كان قبليا و مناطقيا. من أهم المنظمات التي تأسست في الستينات من القرن الماضي جبهة تحرير عربستان و الجبهة القومية لتحرير عربستان و جبهة تحرير الأحواز و أهمها الجبهة الشعبية لتحرير الأحواز في عام 1968 و التي تأسست في دمشق من قبل مجموعة من المناضلين الأحوازيين و المطاردين من قبل الإحتلال الفارسي.
تأسس العلم الأحوازي عام 1968 في الإجتماع التأسيسي للجبهة الشعبية لتحرير الأحواز في دمشق و على يد أحوازية خالصة ولا دخل لاي جهة أخرى في تأسيسه. و يتألف من ثلاثة خطوط عرضية بالألوان الأحمر ثم الأبيض ثم الأسود حسب الترتيب من الأعلى إلى الأسفل. وتتوسط المستطيل الأبيض دائرة و داخلها نجمة خماسية باللون الاخضر.
و حسب شهادة المناضل عبدالوهاب الخانجي أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير الأحواز (آنذاك), و الذي كان أحد مؤسسي العلم الأحوازي الحالي الي جانب عدد من قيادات الجبهة الشعبية, بما فيهم المناضل خليل التميمي و المناضل الشهيد مجيد جبار المطوري الذي استشهد عام 1970 في العراق, يقول حول العلم الأحوازي و معانيه: "بعد المناقشات الواسعة في الإجتماع التأسيسي للجبهة الشعبية لتحرير الأحواز عام 1968 في دمشق, تم الإتفاق على هذا العلم و إن الدائرة تعني الوطن العربي و النجمة تعني الأحواز. و على ذلك تعني النجمة داخل الدائرة بإن الأحواز جزء من الأمة العربية و جزء لا يتجزأ من الوطن العربي."
و لا شك إن الألوان الأربعة في العلم الأحوازي و ظروف تأسيسه كانت متأثرة بالثورات العربية و التي أستنبطت أعلام أوطانها من بيت شعر للشاعر العراقي صفي الدين الحلي, يقول فيه:
بـيـض صـنائعنا سـود وقـائعنا خـضر مـرابعنا حـمر مـواضينا
كما إن هنالك أكثر من تفسير و تحليل للالوان الموجودة في العلم الأحوازي و أعلام الدول العربية التي تتألف من هذه الألوان الأربعة. ومنها ان الأبيض يرمز الى الأمويين و الأسود يرمز الى العباسيين و الأخضر يرمز الى الفاطميين ( العلويين).
و التفسير الآخر للألوان الأربعة هي : اللون الأسود يعني الظلم و التعسف و ليل الإحتلال الذي يمكن نفسره نحن بظلم الإحتلال الفارسي و أيضا يعني ان ليالي العدو ستكون سوداء و مظلمة في المنازلة الكبرى في معارك تحرير الأحواز إن شاءالله. و الأحمر يرمز للنضال و التضحيات و دماء الشهداء الذين سقطوا من أجل الأحواز. و اللون الأخضر يعني المستقبل الزاهر و العطاء و الأمل بالخير و البركة التي تعم أرض الأحواز بعد إزالة الإحتلال الإيراني من دولة الأحواز و إعادة سيادتها. و اللون الأبيض يرمز الى الصفاء و النقاء و السلام و المحبة بين أبناء الشعب العربي الأحوازي.
أصبح هذا العلم الأحوازي هو العلم الذي يمثل وحدة الشعب الاحوازي و إرادته و تحديه للإحتلال الفارسي و خاض أبناء الأحواز عدة معارك و منازلات تحت راية هذا العلم و أستشهد الألاف من أبناء الأحواز في تلك المعارك خاصة في الستينات و السبعينات و الثمانيات من القرن الماضي. و منذ 2005 عام الإنتفاضى الكبرى و التحدي المتصاعد حتى يومنا هذا و في كل عام يوزع أبناء الأحواز عشرات الألاف من هذا العلم قبيل المظاهرات التي تعم مدن الأحواز في كل مناسبة و حدث. و صار هذا العلم يزين كل جدران مدن و قرى الأحواز رغم العقوبة القصوى التي يتلقاه الأحوازي و تصل الى الإعدام لمن يرسم او يرفع علم الأحواز بعد ما يتهم بالإنفصالي و المحارب لله و رسوله من قبل الإحتلال الفارسي.

المركز الأحوازي للإعلام و الدراسات الإستراتيجية
Ahwazmedia.com

صورة ‏الأحوآز أرض ألرِي‏.





تم عمل هذا الموقع بواسطة